المقدّمة
صُمِّمت حزمة الأدوات هذه بغية تشجيع اعتماد نهج يراعي الفوارق بين الجنسين في جميع أنشطة مراكز الأبحاث ومجالات عملها، بما فيها الاجتماعات والمناقشات، البحث والتّحليل، والاتّصالات والنّشر. وتوفّر الحزمة التّوجيهات اللّازمة بشأن السّبل التي تتيح تكييف هياكل المنظّمات وأنشطتها وممارساتها، بهدف زيادة الوعي بشأن المسائل الجنسانيّة واعتماد نُهج مراعية للاعتبارات الجنسانيّة في مجالات عملها كافّة.
وجاء تصميم هذه الحزمة نتيجة التّمييز القائم بين الجنسين والسّائد في مراكز الأبحاث والأنشطة التي تقوم بها. كما تدرك هذه الحزمة التّمييز الذي تواجهه المرأة وقلّة التّمثيل في هذا السّياق، بالإضافة إلى غيابها عن تبوّأ مراكز قياديّة وكذلك عن الهياكل الإدارية والمناصب البحثية المرموقة في عدد من مراكز الأبحاث. وتجدر الإشارة إلى أنّ تركيز هذه الحزمة على مفهوم الجنسانية (الجندر) يُعد بمثابة نقطة انطلاق نحو إجراء تحليل متعدّد الجوانب (تقاطعيّ) على نطاق أوسع، بالإضافة إلى اتّخاذ الإجراءات اللّازمة في دوائر مراكز الأبحاث.
وتُعدُّ هذه المسألة ذات أهمّيّة كبيرة نظراً للمكانة اللافتة التي تحتلها مراكز الأبحاث في التّأثير في السّياسات العامّة، إذ تُجري أبحاثاً تؤثّر في السّياسات ما يؤثّر على حياة الأفراد. لذلك، من الأهمية بمكان ألّا تُرسِّخ السّياسات الممارسات المضرّة أو تُكرِّس أوجه التّحيّز واللامساواة. وينبغي أن تعكس الأبحاث الواقع الذي يعيشه الأفراد وأن تشمل أصواتاً وتجارب تتسم بالتنوع، وإلّا ستكون السّياسات المستندة إلى أبحاث مراكز الفِكر غير فعّالة ومحدودة الأفق وستواجه صعوبة فيتحقيق أهدافها المرجوّة.
وتعقد مراكز الأبحاث اجتماعات بين صانعي السّياسات وأصحاب القرار من مختلف الجهات الحكوميّة والمنظّمات غير الحكوميّة والأوساط الأكاديميّة والأعمال التّجاريّة. وأظهرت
الأبحاث المجراة حتّى اليوم أنّ معظم المناقشات المتعلّقة بالسّياسات يهيمن عليها الرّجال بأغلبيّة ساحقة، ولكن حينما تُدعى النّساء أو الأشخاص الذين لا يدخلون ضمن التصنيف الثنائي إلى التّحدّث فإن النّقاش عادة ما يتركز بشكل خاصّ على معالجة مواضيع متعلّقة الجنسانيةبالجنسانية. وما لم يكن هنالك تنوّع في الآراء، فسوف تقتصر هذه المناقشات على مجموعة محدودة من المعارف والخبرات، ما سيفضي إلى تحريف المعلومات التي يتلقّاها كلّ من صانعي السّياسات وأصحاب القرار. وفضلاً عن أهمية ذلك لجودة العمل، للمسألة أهميتها أيضاً فيما يتعلق بالإنصاف والتّمثيل الدّقيق، إذ تشكّل النّساء ما يقرب من نصف عدد سكّان العالم، وبالتّالي من الواجب إشراكهنّ في عمليّة وضع السّياسات على جميع المستويات.