بيان صحافي
الشباب أمام قلّة فرص العمل والمحسوبيّة والتمييز
نظّم معهد عصام فارس للسياسات العامّة والشؤون الدولية (IFI) في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) بالشراكة مع الهيئة اللبنانية للعلوم التربوية (LAES) حلقة دراسية عبر الويب (Webinar) تحت عنوان "الشباب أمام قلّة فرص العمل والمحسوبّية والتمييز"، وذلك يوم الخميس ١٥ نيسان/أبريل ٢٠٢١ عند الساعة الحادية عشرة صباحًا. إنّ هذه الحلقة الدراسية هي الأولى ضمن سلسلة حلقات دراسيّة عبر الويب (Webinars) أطلقها المعهد في إطار مشروع الهيئة البحثي تحت عنوان "الشباب في المناطق المهمّشة في لبنان: جيوب الفقر اللّبنانية والمخيّمات الفلسطينيّة والتجمّعات السوريّة".
تعرض الحلقات الدراسيّة وتناقش نتائج الدراسة التي قامت بها الهيئة بإشراف د. عدنان الأمين، أستاذ العلوم التربوية في الجامعة اللبنانيّة ومُحاضر في الجامعة الأميركية في بيروت، عن الشباب في المجموعات المهمّشة في لبنان والتي استغرقت ثلاث سنوات (٢٠١٨ - ٢٠٢١).
شارك في هذه الحلقة الدراسيّة كلٍّ من مُدير معهد عصام فارس د. جوزيف باحوط، ورئيسة الهيئة اللبنانية للعلوم التربوية د. سوزان عبد الرضا أبو رجيلي ومُدير الدراسة د. عدنان الأمين، وأعضاء الفريق البحثي د. مايرز يونس، أستاذة علم الاجتماع في الجامعة اللّبنانية، ود. كمال أبو شديد، عميد كلية العلوم الإنسانيّة في جامعة سيدة اللويزة، ود. غادة جوني، أستاذة التربية في الجامعة اللّبنانية. كما وشارك في النقاش د. جاد شعبان، أستاذ مُشارك في الاقتصاد في الجامعة الأميركية في بيروت وأدار الجلسة د. أديب نعمة، مُستشار في التنمية.
بدأت الجلسة بكلمة افتتاحيّة لمُدير معهد عصام فارس د. جوزيف باحوط رحّب من خلالها بالمُشاركين والحضور، وأشار إلى أنّ "هذه الحلقة مميّزة نسبةً لواقع الشباب المّهمّش في لبنان والمصاعب التي يواجهها حاليًا وخاصّةّ في ما يتعلق بسوق العمل والتمييز والمحسوبيّة". وأضاف "نأمل أن تزودنا هذه الحلقة بالمعلومات القيّمة والتحليل المعمّق حول الواقع الاجتماعي والاقتصادي في البلد"، مشدّدًا على أهميّة هذا الموضوع اليوم بسبب الأزمة التي يمرّ بها لبنان. واختتم كلمته بالترحيب لانضمام "الصديق العزيز" د. عدنان الأمين إلى المعهد بصفة زميل أول معلنًا أنه سيقوم بالإشراف على برنامج التعليم والسياسات الشبابيّة في معهد عصام فارس في الفترة القادمة.
من جهّتها أعربت د. أبو رجيلي، رئيسة الهيئة اللبنانية للعلوم التربويّة، في كلمتها عن سرورها بإطلاق أولى بوادر التعاون بين الهيئة ومعهد عصام فارس، وعن ثقتها بأنّ هذه الشراكة الأكاديميّة سوف تساهم في إتاحة المعرفة العلميّة لجمهور أوسع وبطرائق أكثر تنوّعًا.
أمّا د. عدنان الأمين، فعرض ملامح الدراسة، وقال إنّها أُجريت في صيف العام ٢٠١٩ على ١٤٤ مجموعة تركيز، في ٣٠ منطقة مهمّشة في لبنان. 48 مجموعة لكل جنسيّة، موزّعة بين الجنسين (٢٤ للذكور و٢٤ للإناث). وقد بلغ عدد الشباب الذين شاركوا فيها ١٫١٦٦ شابة وشاب تراوحت أعمارهم بين ١٥ و٢٥ سنة. هم في غالبيّتهم الساحقة (١٫٠٠٩) غير متزوّجين. والـ ١٤٠ المتزوّجون هم في معظمهم سوريّون. نصف المشاركين الفلسطينيين كانوا يتابعون الدراسة ونصفهم ترك المدرسة، في حين أنّ ثلثي اللبنانيين كانوا يتابعون الدراسة وثلثا السوريين كانوا قد تركوا المدرسة. وأوضح أن هذا بحث عن الشباب في المناطق المهمّشة وليس بحثًا عن الشباب المهمّش.
بعدها عرّف د. أديب نعمة، بالفريق البحثي الذي عرض أربع أوراق تناولت نتائج الدراسة المذكورة. فقدّمت د. مايرز يونس، نتائج بحثها عن الشباب اللبناني، وأشارت إلى أنّ هؤلاء الشباب تحدّثوا عن المناخ السلبي للعمل الذي يتجسّد في خمس صور أساسيّة هي: الاستغلال والإهانة والتجريح والتسلّط والتمييز والتعسّف. علمًا أنّ الشباب يتفاعلون مع هذه المُعاملة بطرقٍ ثلاثة: العنف وترك العمل أو الرضوخ. كما أضافت أن الشباب اللبناني يتفاعل مع الواسطة باعتبارها عاملًا مُساعدًا في حال كان الشخص لديه انتماءً سياسيًا، وباعتبارها عائقًا أمام الحصول على عمل في حال كان مستقلًّا غير مدعوم من جهة معيّنة.
ومن ثم عرض د. كمال أبو شديد، نتائج بحثه عن الحياة المهنيّة عند الشباب في المخيّمات الفلسطينيّة، مشيرًا إلى أشكال التمييز التي يواجهونها وتفاعلهم معها بين القبول والرفض والتمرّد. وخلص العرض إلى الحديث عن إرث التهميش المترسّخ في أذهان الشباب الفلسطيني.
أمّا د. غادة جوني، فتناولت في عرضها الحياة المهنيّة عند الشباب في التجمّعات السورية وما يعانون من مُمارسات تمييزيّة في البلد المُضيف على كافة المستويات: التشريعيّة والقانونيّة والاجتماعيّة، حيث يخوض الشباب معارك يوميّة مقابل العنصريّة والتمييز، وقد أصبحوا مجرّد عمّال موسمين منخفضي الأجور، ومحرومين من الحقوق والتأمينات والضمانات، ويتمّ استغلالهم والتحرّش بهم في ظلّ غياب أي حماية أو مرجعيّة.
بدَوره، عرض د. الأمين نتائج الدراسة المقارنة التي قام بها للمجموعات السكانيّة الثلاث، وقال بأنّها تتشارك في قوّة الشعور بقلّة أو ندرة فرص العمل، واللّافت أن كل مجموعة تعزو هذه القلة إلى وجود المجموعة الأخرى وسلوكها. مُلاحظًا إن العلاقات الاجتماعية تلعب دورًا كبيرًا في توفير الفرص أو إعاقتها، على حساب العلاقات الاقتصاديّة (العرض والطلب). ويسيطر على الشباب في المناطق المهمّشة إدراك قوي بسيادة التعسّف وبعدم وجود قانون يحميهم ويعطيهم حقوقهم، إلّا الفلسطينيين فالقانون هو الذي يمنعهم من العمل في مجالات معينة.
بعد انتهاء العروض البحثية عقّب د. جاد شعبان، على نتائج البحث وأشار إلى أهميّة إبراز المُساهمة الفعليّة لهذه الدراسة، مسلّطًا الضوء على حاجة إجراء المقارنة بين عوامل الجنسيّة ومكان الإقامة ومكان العمل والعامل الزمني بالإضافة إلى المُقارنة مع فئات أخرى في المُجتمع كالعمّال الأجانب والأشخاص الأكبر سنًّا.
كما أضاف د. شعبان أنّه على الباحثين أن يسلّطوا الضوء أيضًا على الطابع أو الجانب الإيجابي لهؤلاء الشباب في المناطق المهمّشة، إذ أنّ طغيان النظرة السلبيّة هو أمر شائع في إطار موضوع اللاجئين السوريين بالأخص، ممّا أثّر على تكوين صورة سلبيّة للأمر وغضّ النظر عن مواهب وإبداع هؤلاء الشباب.
وختم د. شعبان معلّقًا على نقطة نقل المُقاربة من الإنسانيّة إلى سبل العيش المرنة: "نحن كمواطنين وكمعنيين بالشأن العام ومعنيين بالأبحاث لا نطالب بالعيش في حياة مرنة (resilient)، إنّما نحن نريد أن نقضي على الفقر والتهميش وخلق حلول فعّالة وضمان الحق للعمّال الُمقيمين جميعًا والشباب خصوصًا وتأمين شبكات دعم للحراك الاجتماعي (social mobility) والانتقال من وضع الاعتماد على الـ "لا شيء" و"المرونة" إلى تحفيز الشباب في المناطق المهمّشة على الارتقاء، وذلك عبر التعليم، كما والاستثمار بالقطاعات العامّة والدعم القانوني والمبادرات المحليّة للقضاء على الفقر."
في الختام، فُتح باب الأسئلة والأجوبة مع الحضور، وشرح د. الأمين، بدوره، السؤال البحثي الذي انطلقت منه الدراسة، وهو كيفيّة تعامل الشباب اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين في المناطق المهمّشة في لبنان مع واقعهم ومجتمعاتهم، مُضيفًا أنّ الحلقات القادمة سوف تبرز النتائج المعرفية لهذه الدراسة ومدى تميّزها عن غيرها من الدراسات.